لا أعرف متى أصبح شَعري قضية قومية !!
شعوب اتفقت على ألا تتفق، يختلفون على أكثر قضاياهم مصيرية … اتفقوا جميعا بكل طوائفهم وأديانهم وأعراقهم على تحقيق هذا الهدف السامي.
“يجب أن يحلق نيالا شعره”
اسمي نيالا … والحكاية أنه عند ولادتي، قررت أمي اختيار اسمي بطريقة مجنونة … كأنها كانت تتنبأ بما سأصيره
أحضرت أمي خريطة وطلبت من فتاة صغيرة ملعونة أن تمرر اصبعها عليها وتتوقف في بلد ما … سأحمل اسمها
أحمد الله أن الفتاة لم تتوقف في أفغانستان … لكنها حكمت علي أن أرتبط إلى الأبد باسم – قد أمقته أحيانا، قد لا أعرفه كثيرا، قد أحاول الهروب منه، لكنه يبقى اسمي ..
حكمت علي بأن أكون “نيالا”
*****
حقيقة، لا أعرف متى تحول شعري من مجرد نزوة إلى قضية.
لكن ما أعرفه أني صرت أستمتع فعلا باستفزازهم. أشعر بلذة الانتصار كلما استمعت لتحليلاتهم وآرائهم الفذة.
ياله من كيان هش ومفكك وموهوم، هذا الذي يهتز لبضع شعرات على رأس نيالا ..
“يا مان … خلي حركات العبيد دي !!”
“نيالا ..أنت عارف أنه كده حرام ولن تقبل لك صلاة”
“دي ما حركات أولاد عرب”
“دي خيابة جديدة ولا شنو”
“شوف الـ@##@$#@ ده”
“هو إحنا ناقصينكم، جاتكو نيلة مليتو البلد”
“أنت حبشي ولا شنو”
يا ريت لو كنت حبشي.
المشكلة أن الفتاة الملعونة قد حكمت علي بأن أكون نيالا، شئت أم أبيت.
****
تعودت على أن ينظر الناس إلى شعري عندما يخاطبونني.
والحقيقة أنه أصبح بمثابة عينين أراقب بها الجميع من زوايا لم أكن أراها من قبل.
علمني الكثير وأعطاني أكثر مما أعطيته. صار كيانا لا يمكن أن يفصل عن نيالا.
علمني أن أتفاخر وأعتز به، لأني وحدي صنعته وربيته ودافعت عنه وها هو الآن يصنعني ويربيني ويدافع عني.
لا أحتاج الآن إلى شيخ أو نسب أو قواد أحمق أو كتب لم أكتب فيها سطرا … لأتفاخر بها أو أتكل عليها لأغطي بها على عجز وحقارة لا أملك شجاعة مواجهتها.
فأنا متصالح مع عجزي وحقارتي وأعرف كيف أهزمها … فشكرا لأنك علمتني.
أنا أفخر بك ومصمم على أن أجعلك فخورا بي.